شيخ الشهداء : عمر المُختار ,,

شيخ الشهداء : عمر المُختار ,,

السلام عليكم ورحمة الله

حديثي عن البطل شيخ المجاهدين و أسد الصحراء: عمر
المختار ,,
الذى لا يمكن أن تختصر سيرته العطرة فى سطور ,

إن جهاد عمر المختار سيظل
معلماً بارزاً في تاريخ ليبيا وتاريخ الأمة الإسلامية كلها وسيظل دليلاً
على أن الإسلام صنع - ولا يزال- نماذج عظيمة من البطولات على مر العصور،
وعلى أن العطاء الحقيقي إنما هو عطاء الإيمان

:

شيخ الشهداء عمر المختار

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

الشيخ المجاهد المبارك البطل عمر المختار أسد الصحراء، قاد المقاومة، ورفع
راية ولواء الجهاد ضد الاستعمار الإيطالي لليبيا.

مولده ونشأته:

وُلد عام 1862م في قرية جنزور ببرقة شرق ليبيا، ويرجع نسبه إلى قبائل
المرابطين، تربَّى يتيمًا لوفاة والده، أثناء سفره إلى مكة بصحبة أمه.
درس اللغة العربية والعلوم الشرعية، وحفظ القران الكريم، وتتلمذ على كبار
علماء السنوسية؛ منهم الإمام المهدي السنوسي الذي أحاطه برعايته واهتمامه،
وذلك لنجابته، قال المهدي السنوسي عنه: (لو كان
عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم)، وهبه الله ملكة الخطابة
وفصاحة اللسان.

رحلته مع الجهاد:

انخرط في صفوف المجاهدين عندما اندلعت الحرب الليبية الفرنسية فيما سُمي
آنذاك بالسودان الغربي، وعُيِّن مدرسًا ومعلمًا في هذه المناطق؛ حيث كان
شيخًا لزاوية
(عين كلك)، وفي العام 1902م تُوفي المهدي السنوسي، وأسندوا له مشيخة زاوية
القصور.
في 19/9/1911م أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا، وأخذت البوارج الإيطالية
تقصف درنة، وطرابلس، وطبرق، وبنغازي، فسارع عمر المختار إلى تنظيم عمليات
الجهاد والمقاومة التي خاضت معارك متعددة، وألحقت بالإيطاليين خسائر فادحة؛
كمعركة درنة في 16/5/1913م ومعركة بوشمال في 6/10/1913م.

الانقلاب الفاشستي في إيطاليا:

في أكتوبر 1922م قام انقلاب في إيطاليا؛ حيث استولى الفاشية على السلطة،
وزاد الطمع الإيطالي في السيطرة على ليبيا، واضطر محمد إدريس السنوسي إلى
ترك البلاد، وعهد إلى عمر المختار بتولي الشئون السياسية والعسكرية، وفي
العام 1923م سافر إلى مصر للتشاور مع إدريس السنوسي، ثم عاد إلى ليبيا
فتركزت كل المسئولية على كاهله.
أخذت إيطاليا تزحف بجيوشها لاحتلال المدن والقرى، وقطع الإمدادات القادمة
للمقاومة من مصر؛ مما شكل عبئًا على المجاهدين، وحوصرت المقاومة، ولم يعد
لها مصادر أو منافذ تمويل بعد الاستيلاء على منطقة فزان؛ لكن هذا لم يمنع
المجاهدين من القتال وتحقيق انتصارات على العدو، كما حدث في معركة 22
أبريل.

عمر المختار والمفاوضات:

في 1929م عين موسليني (بادوليو) حاكمًا عسكريًّا على ليبيا، وتبدى المكر
الصليبي لدى الإيطاليين؛ حيث بدأ الحاكم الجديد التظاهر بالرغبة في السلام
استهلاكًا للوقت، فطلب التفاوض مع عمر المختار.
وفي 19 أبريل 1929م بدأت المفاوضات في سيدي أرحومة، وكان على رأس المفاوضين
القائد العسكري الإيطالي نفسه، وبدأ إملاء الشروط، فوضع عمر المختار أمام
خيارين؛ إما مغادرة ليبيا إلى الحجاز أو مصر، أو البقاء ببرقة والتوقف عن
المقاومة مقابل إغراءات مادية.
وفي 20/10/1929م وجَّه خطابًا إلى الشعب الليبي حذرهم من غدر الإيطاليين،
وقد كان، ففي 16/1/1930م بدأت القاذفات الجوية بإلقاء القنابل؛ لكن لم
تنكسر شوكة المقاومة، بل ازدادت ضراوةً وثباتًا؛ حتى إن الإيطاليين نصبوا
(جرتسياني) قائدًا لما اتصف به من وحشية ودموية، فعمل جرتسياني على عزل
ليبيا عن مصر بأسلاك شائكة، وإنشاء محاكم طارئة، ونصب المشانق لإرهاب القرى
والنجوع وإقامة معسكرات اعتقال.
وفي 26/8/1930م ألقت الطائرات الإيطالية القنابل على الجوف والتلال، وسقطت
مناطق في يد الإيطاليين؛ مثل أجدابيا، وفي 28/1/1931م سقطت الكفرة، وهي تعد
معقل المقاومة وكان لذلك أثر بالغ على المقاومة.

عمر المختار في الأسر:

في أكتوبر 1930م اندلعت معركة السانية، وفقد عمر المختار نظارته، فعثر
عليها أحد الجنود، وسلَّمها للقائد الإيطالي الذي علم بوجود عمر المختار في
منطقة سلطنة، فحاصرته القوات الإيطالية، ودارت المعركة، فظل يقاتل حتى قتل
فرسه، فسقط من عليها، ولم يستطع استجماع قوته لإصابته، فحاصره العدو
وضيَّق عليه الخناق؛ حتى أمسكوا به ونقل إلى بنغازي؛ حيث أودع في السجن
الكبير.
لم يصدق جرتسياني الخبر، وكان في روما، فاستقل طائرة، وعاد فورًا إلى
بنغازي في 14/9، طلب إحضار عمر المختار إلى مكتبة لكي يراه.

محاكمة عمر المختار:

في 15/9/1931م أعلن عن انعقاد المحكمة الخاصة، وقبيل المحاكمة أراد
جرتسياني الحديث مع عمر المختار: يقول جرتسياني في مذكراته:... وعندما حضر
أعلى مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم،
أثناء قيامي بالحروب الصحراوية.. يداه مكبلتان بالسلاسل رغم الكسور والجروح
التي أُصيب بها، ها هو واقف أمام مكتبي نسأله، ويجيب بصوت هادئ وواضح:

جرتسياني: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة
الفاشية؟
الشيخ: من أجل ديني ووطني.
جرتسياني: ما الذي كان باعتقادك الوصول إليه؟
الشيخ : لا شيء إلا طردكم؛ لأنكم مغتصبون، أما
الحرب فهي فرض علينا وقت الاعتداء علينا، وما النصر إلا من عند الله.
جرتسياني: لما لك من نفوذ وجاه، فكم يومًا يمكنك
أن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا أسلحتهم؟
الشيخ: لا يمكنني أن أعمل شيئًا وبدون جدوى، نحن الثوار
سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الآخر، ولا نسلم أو نلقي السلاح.
يقول جرتسياني: وعندما وقف ليتهيأ للانصراف كان جبينه
وضاء، كأن هالة من نور تحيط به، فارتعش قلبي من جلالة الموقف.... فقد كانت
شفتاي ترتعشان، ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد، فانتهت المقابلة، وأمرت
بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء.

المحاكمة:

في مساء الثلاثاء الخامسة والربع 15/9/1931م عقدت المحكمة والتي استغرقت
ساعة، وصدر الحكم بالإعدام شنقًا حتى الموت.
وفي التاسعة صباح يوم الأربعاء 16/9/1931م، وفي حضور 20 ألفًا من الأهالي،
أحضر الشيخ المجاهد فوضع حبل المشنقة في عنقه، وهو يردد الشهادة وآيات من
القرآن الكريم.
تلك هي سير الأبطال والشجعان فاللهم أكرم هذه الأمة بأمثال هؤلاء، يذودون
عن حياضها، ويستعيدون أرضها المسلوبة بعزة،
فما أُخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد إلا بالقوة.

إعداد: ربيع عبد الباقي

رحم الله شهدائنا وأبطالنا